اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كلمة للمعلمين وطلاب التحفيظ
4824 مشاهدة
فضل العلوم الشرعية

وكذلك بالنسبة إلى أنواع العلوم، تعرفون أن العلوم التي في هذه المدارس منها علوم تتعلق بالعقيدة، وتتعلق بالأحكام وبالكتاب والسنة وبالشرع الشريف، وهذه –حقا- هي التي يجب أن يعتنَى بها، وذلك لأنها ميراث الأنبياء تذكرون حديث أبي الدرداء المشهور الذي أشار إليه البخاري في بعض أبواب كتاب العلم، والذي رواه أهل السنن، وصححه الأئمة: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر .
فميراث الأنبياء هو العلم الشرعي الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمه أصحابه، كان يعلمهم الآيات وأدلتها ودلالاتها, ويعلمهم الأحاديث وبيان كيفية العمل بها وأشباه ذلك, كان هذا تعليمه -صلى الله عليه وسلم- وأنتم تعلمون ذلك تزيدون أيضا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أميا ما كان يقرأ الكتاب ولا يكتب كما في قول الله تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ يعني: لو كان يقرأ الكتب لقالوا: إن هذا القرآن مفترى. وقد قالوا ذلك كما في قول الله تعالى في سورة الفرقان: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا كيف اكتتبها وهو لا يقرأ ولا يكتب؟!
اختاره الله تعالى أميا حتى لا يقولوا إنه افتراه, وأنه كتبه من كتب الأولين، لكنه كان يعلمهم الألفاظ، يعلمهم الآيات ويقرؤها عليهم، ويشرح لهم دلالاتها، ويعلمهم الأحكام, فهذا هو ميراثه, وميراث الأنبياء قبله, أنهم كانوا كلهم يقرءون على أممهم ما أنزل الله تعالى عليهم, فميراثهم هو علم الشريعة, وعلم الأحكام والحلال والحرام والأوامر والنواهي والوعد والوعيد, وكل ما هم مكلفون بالعمل به, وكذلك أيضا يعلمونهم أمور الدنيا التي لها تعلق بحياتهم, يعلمهم -صلى الله عليه وسلم- كثيرا من الآداب والأخلاق، كما يعلمهم الكثير من آداب الإسلام مثل قوله -لما أمرهم بحق الطريق- غض البصر, وكف الأذى، ورد السلام, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر .
وقوله: تسلم عليه إذا لقيته, وتشمته إذا عطس, وتجيبه إذا دعاك, وتعوده إذا مرض, وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك هذه من الآداب والأخلاق والتي عرف بها صدقه.
لما قدم -صلى الله عليه وسلم- المدينة يقول عبد الله بن سلام -وكان من اليهود فهداه الله- ولما قدم انجفل إليه الناس فكنت ممن انجفل إليه، فكان أول ما سمعت منه أن قال: أيها الناس أفشوا السلام, وأطعموا الطعام, وأطيبوا الكلام, وصلوا الأرحام, وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام هذه من الآداب، يعني أكثرها آداب وأخلاق، يعني مثل إفشاء السلام من الآداب التي يتأدب بها المسلمون فيما بينهم, وكذلك صلة الأرحام.
فعرف بذلك أن حقيقة هذا العلم هو العلم الذي يتعلق بالأحكام, ولو أنه تدخل في المعاملات وبين ما يجوز منها وما لا يجوز، يعني المعاملات، يعني أمور البيع والشراء, وشروط البيع, وثبوت الخيار, والرهن, والسلم, والصرف, والربا، والقرض, والحوالة وما أشبهها, لا شك أنها من أمور الدنيا, ولكنه بينها؛ لأن بيانها يتعلق بالحلال والحرام.
فالحاصل أن هذا هو الذي ينبغي أن يهتم به المسلم بتعلمه وبتعليمه, ووسائله تابعة له فتعلم اللغة العربية وكيفية النطق بها تابع لذلك, وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكلم بها باللغة الفصحى التي هي لغة العرب, وحيث أنها اختلطت بغيرها وكثرت اللهجات وكثرت الألفاظ العامية؛ فنقول: إن علينا أن نتعلم أصل لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن نعرف معانيها وألفاظها، وكيفية النطق بها, إذن فتعلم النحو وتعلم الصرف وتعلم ألفاظ الكلمات العربية داخل في علم الشريعة, داخل فيما بلغه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهتم طالب العلم بهذا النوع الذي هو ميراث النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يهتم بالعمل به؛ ليكون بذلك عالما وعاملا.